الاثنين، 18 أبريل 2011

هل تملك ميدان تحريرك ؟؟؟؟!!!!!

                     المشهد

لا شك أن ما حدث في ميدان التحرير أواخر يناير الماضي وما لحقه من تطويرات سريعة متسارعة في مصر كانت مذهلة ، هذه السرعة والتسارع في تطور الأحداث كان بلا شك متناسباً إلى حد كبير مع الصبر الذي تحلّى به هذا الشعب طيلة  30عاماً ، لا نبالغ إذا اعتبرناها أسوأ  في فترة تاريخ مصر على إجماله ، حتى ربما أسوأ من تلك الفترة التي كانت فيها مصر تحت الاحتلال الأجنبي .
في البداية خرج عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير يرغبون تغيير أوضاع بلادهم إلى الأفضل ، لا تحكمهم إيديولوجية معينة ولا فكرٍ بعينه سوى ذلك الهدف الذي اجمعوا عليه وهو الحرية والعدالة الاجتماعية . 
ولأن الفساد الذي يحكم البلد لم يكن له عقل يجعله يفكر في ردود أفعاله ، فلم يقرؤوا الرسالة جيداً بل مزقوا الرسالة واعدموا  حاملها !!!!... فما كان من الشباب إلا أن استشاطوا غيظاً من رد الفعل فقرروا النزول مرة أخرى وهذه المرة بمئات الآلاف .. ثم كان رد الفعل أشد فخرجت الملايين و ارتفع سقف المطالب ، حتى تم إسقاط النظام في فترة وجيزة لم تتجاوز 18 يوماً .
عند هذا الحد المشهد اكتمل : مجموعة من الثوار خرجوا بمطالب عادية يحلم بها كل الشعب المقهور تحت سطوة أمنية قمعية تعتمد على طبيعة  المصريين التي تعشق الاستقرار حتى لو في ظل النار ... وهل ظل النار يقي من شدة حرارتها ؟؟؟؟!!!!

    الشباب والمرحلة المقبلة
ولأن الثورة بدأت شبابية وأبهرت العالم ، فقد أبهرت أيضا كبار المعارضين الذين تفاوتت قوة معارضتهم ما بين صفقات لمناصب أو تعيين بمجلسي الشعب والشورى أو دعم لأحزابهم الكئيبة أو مغالبة كما كانت تفعل جماعة الإخوان وبعض المستقلين ذوي الضمير الحيّ ، وكان أقصى أمانيّ كل هؤلاء أن تجرى بعض التعديلات الدستورية على بعض المواد التي تفتح المجال في الانتخابات الرئاسية .
الشباب وهم عصب هذه الثورة وعمادها تجاوز أعداد السابقين فيهم إلى الثورة في أول أيامها  70 ألفاً انضم إليهم في الأيام التالية الملايين على مستوى الجمهورية  ، هؤلاء الشباب لم تكن لهم قيادة معروفة بالإضافة إلى أن توجهاتم كانت مختلفة وأكثرهم ليس له أصلا في السياسة وهذا شيء طبيعي بحكم أن النظام السابق كان يعتبر العمل بالسياسة " بعيداً عن الحزب الوطني " خطيئة لا تغتفر ، ولا يجوز لمن يخطئ هذا الخطأ أن يعمل في أي مجال في الدولة وان كان يعمل قبل اقترافه هذا الخطأ فلا يجوز ترقيته أو توليه منصباً قيادياً ، فأصبحت أهم وصية لأي ولي أمر لأبنائه حينما يبلغون رشدهم كالتالي : ( يا ابني احنا ملناش دعوة بالسياسة احنا ناس ماشيين جنب الحيطة وعاوزين نعيش ..... وهكذا )


        الاعلام وكارثة نفاق الثوار
الشباب الآن بعد الثورة اكتشف فجأة انه " حريف سياسة " وهنا تكمن المشكلة ، المشكلة تكمن في أن كل  الكبار الذين ابهرهم ما تم في مصر في 18 يوم بفضل الله ثم بفضل تحرك هؤلاء الشباب  ثم بفضل غباء الحاكم ومن حوله الذين لم يقرءوا الحدث جيداً وبالتالي لم يستطيعوا التعامل معه بحنكة وسياسة لنتأكد بعدها ويتأكدوا هم أنهم لم يكونوا يوماً يملكون هذه الحنكة أو تلك السياسة .
الكبار الآن يتركون تحركاتهم مرهونة بموافقة الشباب وأحياناً يجعلون مواقفهم ردود أفعال لتحركات الشباب ، والكارثة هنا أن مصر كدولة كبيرة توجد بها مؤسسات وان كانت مهترئة بسبب ممارسات النظام السابق إلا أن هذه المؤسسات قادرة على القيام بسرعة ، لأن هذا البلد يملك مقومات الدور والتأثير ناهيك انه يملك مقومات بشرية شريفة قادرة على أن تعيده مكانه الصحيح  ، غير أن الاعلاميين وخصوصاً من كان ينافق النظام السابق أو حتى الذين لم تكن لهم رؤية واضحة أثناء الثورة هؤلاء اصبحوا الآن يوافقن ويؤيدون أي شيئ يذهب اليه هذا الشباب ، سواءاً كان حقاً أو باطلاً ، في وقته أو في غير وقته ، لدرجة ان بعض الاعلاميين يتطرف ويبالغ في التأكيد على رصانة الرأي أو عمق الفكرة التي يطرحه احد الائتلافات الشبابية التي ربما يصل عددها الى عدد من شاركوا في الثورة !!!
لا شك أن الشباب بعنفوانه وتطلعاته الثورية بحكم مرحلة النمو التي يمر بها يمكن أن يتم توجيههم وإدماجهم في مؤسسات اجتماعية وأحزاب  ولكن ليس المطلوب من الشباب أن يصنع سياسات هذا البلد ، بإمكانه أن يشارك ويتدرج في المشاركة إلى أن يصل لمرحة النضج التي عندها يمكن أن يتسلم الزمام ، بإمكان الشباب إن يطرح رأيه في سياسة ما أو اسم ما في حلقة نقاشية ، لا أن يفرض هذا الرأي أو هذا الاسم من خلال "قوة الميدان " .

إنني أخوف ما أخاف عليه الأيام القادمة هذا التنوع وهذا العناوين الكثيرة لائتلافات كثيرة تسمى نفسها بإتلاف شباب الثورة .. فتجد مثلاً مجموعة تدعو إلى اعتصام ، والأخرى ترفض الاعتصام . ومجموعة أخرى ترفض تأييد د.مصطفى الفقي للجامعة العربية ، وأخرى تقول عفونا عنه لأنه اعتذر عن ارتباطه بالنظام السابق !!!....وهكذا ، فمع كل حدث أو قرار ستجد من يوافق ومن يرفض وهذا طبيعي ، ولكن أن تتحول الموافقة إلى إعلان تأييد يستفزّ الرافضين ويبدءون في تحويل رفضهم إلى اعتصام يعطّل الحياة ويضيع هيبة الدولة فهنا تكمن الخطورة.

انني اعتقد أن ما يحدث الآن بمحافظة قنا من الأهلي - رغم مشروعية مطالبهم -  لهو أكبر دليل على ما أقول فقد تجمع الآلاف في وسط ميدان شهير بقنا واعتصموا فيما يشبه ميدان التحرير اعتراضاً على تعيين محافظ مسيحي للمحافظة للمرة الثالثة بالإضافة إلى قطع الطريق الصحراوي وتعطيل حركة القطارات لمدة 3 أيام ، وقنا تناوب عليها قبل ذلك على ما أذكر محافظين مسيحيين ، ولم نسمع احتجاجاً واحداً في السابق على هذا الأمر، ومثله ما يحدث في حلوان و 6أكتوبر   . إذن لماذا الآن يحدث ذلك ؟؟؟ الإجابة ببساطة : لأن كل شخص منّا الآن يملك ما يظنه ( ميدان تحريره )، والدولة أصبحت للأسف تدير فقط هذه الميادين ، وللأسف اخشي أن تضيع هيبة الدولة مع امتلاك المصريين لقرارات الاعتصام في اي وقت وفي أي مكان ، فان كنت تملك ميدان تحريرك فأرجوك لا تحوّله إلى نقمة بعد أن بدأنا نشعر بنعمة التحرير وأعلم ان ما حدث بفضل الله كثير جداً يحتاج منّا الحفاظ عليه ليكون نقطة انطلاق .... فقد انطلقنا من ميدان الأمل الى ميدان التحرير فهل ننطلق الى ميدان العمل ؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق